27‏/02‏/2009

الهولة (الحلقة الأولى)

قراءة معاصرة في تاريخ عرب الهولة مصطلح «الهولة».. تعريف الاجتهادات الخاطئة
هذا الكتاب مكون في مجمله من عدد من البحوث التاريخية المختارة بعناية إذ تسلط الضوء على عدد من القضايا والأحداث التاريخية الخليجية المهمة والمتخصصة بتاريخ الخليج العربي، السياسي والاقتصادي والاجتماعي. ننتقل في هذا الكتاب بشكل مدروس من عصر إلى عصر، ومن فترة إلى أخرى ومن قصة إلى قصة. ولكن هذا الانتقال لا يتم بشكل عشوائي، بل هو انتقال مدروس وهادف، يسعى من خلاله الباحث إلى رسم واستحضار صورة تاريخية مكتملة المعالم تشكلت في ذهن الباحث نتيجة اتساع الاطلاع في موضوعات خليجية محددة، ومنتقاة بعناية، فستجد أن الباحث يحاول من خلال طرح هذه القضايا إيصال تلك الصورة إلى أذهان، قراء هذا الكتاب بصورة شيقة ومبسطة.
كما ويهدف هذا الكتاب، إلى مواجهة بعض الأخطاء التاريخية التي كثيرا ما يقع فيها عدد من المؤرخين المعاصرين، بشيء من الشجاعة، مع الحرص والتأكيد على ضرورة تصحيح تلك الأخطاء، بشكل تعريفي منهجي، شعاره (الناس أعداء ما جهلوا). فلنتعرف على بعض ما نجهل من تاريخ الخليج العربي، راجين من الله أن نكون ممن أحسن الاختيار والطرح.
تمـهــــيـد
عندما شرعت في جمع معلومات هذا الكتاب كان هدفي جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن تاريخ عرب (الهولة) ولم يكن هدفي تتبع تاريخ بني عتبة (العتوب) أو غيرهم من عرب الخليج ولكني وتدريجيا اكتشفت قوة الرابطة التي تربط عرب الهولة والعتوب بحيث يصعب الفصل بينهما بأي شكل من الأشكال وعليه فإن التطرق لأي جماعة من دون الأخرى، يخرج لنا تاريخا خديجاً مشوهاً عديم الفائدة قليل الجدوى.
ومن خلال بحثي في موضوع هذا الكتاب وقفت على حقيقة مهمة جدا ويجب استيعابها قبل الشروع في قراءة هذا الكتاب وهذه الحقيقة هي أن جميع المؤرخين أو الرواة الذين تحدثوا أو تطرقوا لتعريف مصطلح ''هولة'' ليس لديهم فهم حقيقي لمعنى هذا المصطلح وإنما يقتصر تعريفهم على وصف شريحة الفقراء أو بعض التجار المهاجرين من ساحل فارس عموما وليس بالضرورة أن يكونوا هولة، وهؤلاء المهاجرون كانوا يعملون فعلا في موانئ البحرين والكويت وساحل الإمارات، ولا يتجاوز تعريف هؤلاء المؤرخين أو الرواة هذه الحدود الضيقة، ولا ضير أو استغراب إن وجدنا '' لوريمر'' في كتابه دليل الخليج يصف عرب الهولة بأنهم مجموعة من العرب كان أسلافهم حكاما لجزيرة البحرين، ولا يوجد بين أفراد هذه الجماعة رابطة قبلية قوية وهم يتواجدون في البحرين والإحساء والقطيف وقطر، في حين أن لوريمر تحدث عن قبائل عربية كثيرة على الساحل الفارسي وعرض لنا جداول تفصيلية تبين عددهم وأسماء شيوخهم وأنسابهم والقوة الحربية لهم، ولم يكن لوريمر على علم بأن الهولة الذين تحدث عنهم في البحرين وقطر ما هم إلا أفراد من هذه القبائل، على كل حال كان لوريمر أيضا كغيره من المؤرخين أحياناً، يهذي بما لا يعلم.
كثيرة هي التعاريف التي تطرقت إلى معنى مصطلح ''هولة''، وكثيرون هم أيضا الذين أخطأوا في تعريفهم لما تعنيه هذه الكلمة ''الهولة'' ومن هذه الاجتهادات الخاطئة ما نشر حديثاً في كتاب: ''لمحات من تاريخ قطر''، والرواية هنا، وهذه المرة هي نقلا عن المرحوم الشيخ محمد بن أحمد آل ثاني الذي نعتقد أنه أورد تعريفا ضبابيا مرسلا فيه الكثير من المغالطات. لذا نرى أنه ومن المناسب والمجدي هنا، التمهيد لهذا الكتاب بهذا التعريف الجديد. يقول المرحوم محمد بن أحمد آل ثاني (1) في تعريف الهولة إنهم:
عجم استعربوا، وعرب استعجموا، وخالطوا العرب في قراهم، فأصبحوا لهم بمثابة الموالي، وأكثرهم تجار، وبحاحير، وملالي، وهم من أقدم من نزل البحرين، وقطر، وفيهم سنة، وشيعة، وهم أهل مواقف طيبة مع أهل قطر، والبحرين في الظروف الصعبة، وكل من يجاور منهم قبيلة يعد بالولاء منها، ومنهم رجال لهم مكانة في المجتمع.

ليست هناك تعليقات: